21 يونيو 2023
واشنطن العاصمة - أصبح الإكراه الاقتصادي أحد أكثر التحديات إلحاحًا وتناميًا على الساحة الدولية اليوم، مما أثار مخاوف بشأن الضرر المحتمل الذي قد يلحق بالنمو الاقتصادي العالمي، والنظام التجاري القائم على القواعد، والأمن والاستقرار الدوليين. ويزيد من تعقيد هذه المشكلة الصعوبة التي تواجهها الحكومات حول العالم، وخاصة الدول الصغيرة والمتوسطة، في الاستجابة بفعالية لهذه التدابير.
وفي ضوء هذا التحدي، استضاف معهد سياسات جمعية آسيا (ASPI) مناقشة عبر الإنترنت بعنوان "مكافحة الإكراه الاقتصادي: أدوات واستراتيجيات للعمل الجماعي"في 28 فبراير، بإدارةويندي كاتلر، نائب رئيس ASPI؛ ويضمفيكتور تشانائب الرئيس الأول لشؤون آسيا وكوريا، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية؛ميلاني هارت، المستشار الأول لشؤون الصين ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ في مكتب وكيل وزارة الخارجية للنمو الاقتصادي والطاقة والبيئة؛ريويتشي فوناتسومدير قسم سياسة الأمن الاقتصادي في وزارة الخارجية اليابانية؛ وماريكو توغاشيزميل باحث في سياسة الأمن والدفاع اليابانية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
تمت مناقشة الأسئلة التالية:
- كيف يمكن للدول أن تعمل معا لمواجهة تحدي الإكراه الاقتصادي، وكيف يمكن تنفيذ استراتيجية الردع الاقتصادي الجماعي في هذا السياق؟
- كيف يمكن للدول التغلب على خوفها من انتقام الصين والعمل بشكل جماعي للتغلب على الخوف من إجراءاتها القسرية؟
- هل يمكن للرسوم الجمركية أن تعالج الإكراه الاقتصادي بشكل فعال، وما هي الأدوات الأخرى المتاحة؟
- ما هو الدور الذي يمكن للمؤسسات الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومجموعة الدول السبع، أن تلعبه في منع الإكراه الاقتصادي ومواجهته؟

الردع الاقتصادي الجماعي
فيكتور تشاأقرّ بخطورة هذه القضية وتداعياتها السلبية. وقال: "إنّ الإكراه الاقتصادي الصيني مشكلة حقيقية، وهو لا يُشكّل تهديدًا للنظام التجاري الليبرالي فحسب، بل يُشكّل تهديدًا للنظام الدولي الليبرالي أيضًا". وأضاف: "إنهم يُجبرون الدول على اتخاذ خيارات أو عدم اتخاذها بشأن أمور لا علاقة لها بالتجارة. إنها تتعلق بأمور مثل الديمقراطية في هونغ كونغ، وحقوق الإنسان في شينجيانغ، ومجموعة متنوعة من الأمور المختلفة". مستشهدًا بمنشوره الأخير فيالشؤون الخارجيةفي مقالٍ بمجلة "ذا ناشونال إنترست"، دعا تشا إلى ضرورة ردع هذا الإكراه، وقدّم استراتيجية "المرونة الجماعية"، التي تتضمن الاعتراف بأن العديد من الدول الخاضعة للإكراه الاقتصادي الصيني تُصدّر أيضًا سلعًا إلى الصين تعتمد عليها اعتمادًا كبيرًا. وجادل تشا بأن التهديد بالعمل الجماعي، مثل "المادة الخامسة للعمل الاقتصادي الجماعي"، قد يرفع التكلفة ويمنع "التنمر الاقتصادي الصيني وتسليح الترابط". ومع ذلك، أقرّ أيضًا بأن الجدوى السياسية لمثل هذا الإجراء ستكون صعبة.
ميلاني هارتأوضحت أن سيناريوهات الإكراه الاقتصادي والصراعات العسكرية سياقات مختلفة، وأن الإكراه الاقتصادي غالبًا ما يحدث في "منطقة رمادية"، مضيفةً: "إنها بطبيعتها غير شفافة. إنها بطبيعتها مخفية". ونظرًا لأن بكين نادرًا ما تُقر علنًا باستخدامها للتدابير التجارية كسلاح، بل تستخدم أساليب التعتيم، فقد أكدت على أهمية تعزيز الشفافية وكشف هذه الأساليب. كما سلطت هارت الضوء على أن السيناريو الأمثل هو السيناريو الذي يكون فيه الجميع أكثر مرونة، ويمكنهم التوجه نحو شركاء تجاريين وأسواق جديدة، مما يجعل الإكراه الاقتصادي "حدثًا غير ذي أهمية".
جهود مكافحة الإكراه الاقتصادي
ميلاني هارتأعربت عن رأي الحكومة الأمريكية بأن واشنطن تعتبر الإكراه الاقتصادي تهديدًا للأمن القومي والنظام القائم على القواعد. وأضافت أن الولايات المتحدة تعمل على زيادة تنويع سلاسل التوريد وتقديم دعم سريع للحلفاء والشركاء الذين يواجهون الإكراه الاقتصادي، كما يتضح من المساعدة الأمريكية الأخيرة لليتوانيا. وأشارت إلى الدعم الحزبي في الكونجرس الأمريكي لمعالجة هذه القضية، وذكرت أن الرسوم الجمركية قد لا تكون الحل الأمثل. وأشارت هارت إلى أن النهج الأمثل يتطلب جهدًا منسقًا من مختلف الدول، ولكن قد تختلف الاستجابة باختلاف السلع أو الأسواق المعنية. لذلك، أكدت على ضرورة التركيز على إيجاد الحل الأمثل لكل حالة، بدلًا من الاعتماد على نهج واحد يناسب الجميع.
ماريكو توغاشيناقشت تجربة اليابان مع الإكراه الاقتصادي من الصين بشأن المعادن الأرضية النادرة، وأشارت إلى أن اليابان استطاعت تقليل اعتمادها على الصين من 90% إلى 60% في حوالي 10 سنوات من خلال تطوير التكنولوجيا. ومع ذلك، أقرت أيضًا بأن الاعتماد بنسبة 60% لا يزال يمثل عقبة كبيرة يجب التغلب عليها. وأكدت توغاشي على أهمية التنويع والدعم المالي وتبادل المعرفة لمنع الإكراه الاقتصادي. وبينما سلّطت الضوء على تركيز اليابان على تحقيق الاستقلال الاستراتيجي وضرورة زيادة النفوذ وتقليل الاعتماد على الدول الأخرى، جادلت بأن تحقيق الاستقلال الاستراتيجي الكامل أمر مستحيل لأي دولة، مما يتطلب استجابة جماعية، وعلقت قائلة: "إن الجهد على مستوى الدولة مهم بالطبع، ولكن بالنظر إلى القيود، أعتقد أن تحقيق الاستقلال الاستراتيجي مع الدول ذات التوجهات المتشابهة أمر بالغ الأهمية".

معالجة الإكراه الاقتصادي في مجموعة الدول السبع
ريويتشي فوناتسوشارك وجهة نظر الحكومة اليابانية، مشيرًا إلى أن الموضوع سيكون أحد أهم البنود التي ستُناقش في اجتماع قادة مجموعة السبع، الذي ترأسته اليابان هذا العام. واستشهد فوناتسو بلغة بيان قادة مجموعة السبع بشأن الإكراه الاقتصادي لعام 2022، قائلًا: "سنزيد من يقظتنا تجاه التهديدات، بما في ذلك الإكراه الاقتصادي، التي تهدف إلى تقويض الأمن والاستقرار العالميين. ولتحقيق هذه الغاية، سنسعى إلى تعزيز التعاون واستكشاف آليات لتحسين التقييم والاستعداد والردع والاستجابة لهذه المخاطر، بالاعتماد على أفضل الممارسات لمعالجة التعرض داخل وخارج مجموعة السبع"، وقال إن اليابان ستتخذ هذه اللغة كمبدأ توجيهي لإحراز تقدم هذا العام. كما أشار إلى دور المنظمات الدولية مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في "زيادة الوعي الدولي"، واستشهد بتقرير معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي لعام 2021 بعنوان،الرد على الإكراه التجاري، الأمر الذي اقترح أن تقوم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بإعداد قائمة جرد للتدابير القسرية وإنشاء قاعدة بيانات لتحقيق قدر أكبر من الشفافية.
ردًا على ما يتمنى المشاركون رؤيته كنتيجة لقمة مجموعة السبع لهذا العام،فيكتور تشاقالت: "لقد دار نقاشٌ حول استراتيجية تُكمّل أو تُكمّل تخفيف الآثار وتعزيز القدرة على الصمود، وتناول كيفية تعاون أعضاء مجموعة السبع في سبيل الإشارة إلى شكلٍ من أشكال الردع الاقتصادي الجماعي"، وذلك من خلال تحديد اعتماد الصين الكبير على السلع الاستراتيجية الفاخرة والوسيطة. وأعربت ماريكو توغاشي عن أملها في رؤية المزيد من التطوير والنقاش حول العمل الجماعي، وشدّدت على أهمية الاعتراف بالاختلافات في الهياكل الاقتصادية والصناعية بين الدول لإيجاد أرضية مشتركة وتحديد مدى استعدادها لتقديم التنازلات.
أقرّ المشاركون بالإجماع بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة الإكراه الاقتصادي الذي تقوده الصين، ودعوا إلى استجابة جماعية. واقترحوا تنسيق الجهود بين الدول، بما في ذلك تعزيز المرونة وتنويع سلاسل التوريد، وتعزيز الشفافية، واستكشاف إمكانية الردع الاقتصادي الجماعي. كما أكد المشاركون على ضرورة اتباع استجابة مُصممة خصيصًا تراعي الظروف الفريدة لكل حالة، بدلًا من الاعتماد على نهج موحد، واتفقوا على أن التجمعات الدولية والإقليمية يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا. واستشرافًا للمستقبل، رأى المشاركون في قمة مجموعة السبع المقبلة فرصةً لبحث استراتيجيات استجابة جماعية لمواجهة الإكراه الاقتصادي.
وقت النشر: ٢١ يونيو ٢٠٢٣






